حركات الوجه: والآن سأنتقل من الجزء الفارغ للغة الجسد إلى الجزء المفيد والعملي، وسأبدأ، بالطبع بالاستعانة بمعلومات كتاب آلن بيز، بأهم الحركات، وهي تلك التي تصدر من اليد إلى الوجه.

فإذا وضع أحدهم يده على فمه أثناء حديثه، فاعلم أنه يكذب ويحاول تغطية كذبه بيده. وقد يكون ذكياً فيغطي فمه بسعلة مفبركة أو تثاؤب وهمي أو يمسح طرفي شفاهه. وإذا لمس أنفه فإنها مجرد محاولة لتطوير حركة لمس الفم، فهو يتذكر أن حركة الفم حركة بدائية وغبية، فيقوم بتغييرها إلى لمسة خاطفة للأنف. ولم أجد في الكتاب شيئاً عن حركة إدخال الإصبع في الأنف للوصول إلى منابع النيل.

أما إذا كنت أنت المتحدث وهو يأتي بتلك الحركات، فهذا يعني أنه لا يصدق كثيراً مما تقول، وعليك أن تأكد صحة كلامك بشهادة أربعة رجال عدول.

ويأخذ حكّ العين حكم لمس الفم أو الأنف، لكن الحك يختلف بحسب الجنس، فالرجال، على عكس النساء، يحكّون عيونهم بقوة. والطرفان يتحاشيان النظر في عينيك وأنت تصغي إليهم، لكن الرجال ينظرون إلى جهة أخرى أو إلى الأرض، بينما النساء ينظرن إلى السقف، كأنك تجلس مكان "اللمبة".

أما إذا كنت تثرثر وحك المستمع أذنه أو اخترقها بـ"دريل" الإصبع أو داعب شحمة أذنه أو غطى أذنه براحة يده، فهو إما يريد أن يقول لك: "كفاية" لست موافقاً لما تقول، وإما "بَسْ" جاء دوري في الكلام. وإذا حك رقبته فيعني أنه يشك في كلامك، وإذا سحب ياقته فهو إما يحاول مداراة اكتشاف كذبه، وإما هو غاضب أو محبط.

وإذا رأيته يضع إصبعه في فمه، فهو يحتاج إلى طمأنته، فالإنسان يعود إلى حضن أمه مع هذه الحركة، حيث كان يشعر بالطمأنينة عندما يلقم ثدي أمه. والأمر كذلك مع وضع قلم في فمه أو سيجارة أو طرف الهاتف النقال، لكنه إذا بلع الهاتف، فهذا يعني أنه كان جائعاً وليس خائفاً.
وتوقع منه قراراً إذا حك ذقنه أو ضربه ضربات خفيفة. أما إذا أسند رأسه بيده، فهذا يعني أن نمل الملل بدأ يمشي بين عينيه. أما إذا قرع الطاولة بأصابعه، أو الأرضية بقدمه، فيعني أن صبره نفد، وكلما كان النقر أسرع، كانت كمية الصبر تنفد بشكل أسرع.
وإذا وضع يده على وجهه من دون أن يسند رأسه، فيعني أنه يقيّم ما تقوله، لكن إذا وضع السبابة عمودياً باتجاه الأذن وأسند الذقن بالإبهام، فهذا يعني أن لديه ملاحظات سلبية أو يريد أن ينتقدك.
ويختلف الوضع عند "النظّاراتي" و"الدوّيخ"، فهو سيضع ذراع النظارة أو السيجارة/ المدواخ/ الغليون في فمه، وكلما حشى فمه بالأشياء، فاعلم أنه متردد ويريد أن يأخذ وقتاً مستقطعاً للتفكير.
وإذا لطم جبينه أو مؤخرة عنقه فهذا يعني أنه يعتذر، لكن انتبه لأن حك مؤخرة العنق تستعمل لإخفاء الكذب أو كمؤشر على الغضب أو الإحباط، ويرافقها تجنب النظر في عينيك. وعموماً من يحك مؤخرة عنقه شخص سلبي أو انتقادي، لكن الذي يلطم جبينه أو يحكّه شخص صريح وهادئ.
حركات الذراع:
ويعتبر الذراع أفضل أجزا الجسم للاختباء، وهذه الحركة طفولية المنشأ، حين كان الطفل يختبئ خلف عباءة أمه أو تنورتها أو طاولة التلفزيون، وحين كبر أخذ يطوي ذراعيه فوق صدره ليكون تعبيراً عن عصبيته أو سلبيته أو دفاعيته أو عدم ثقته أو عدم شعوره بالأمان أو يكون غير موافق لما يدور من حوله. فإذا كنت مع شخص يختبئ خلف حاجز ذراعيه، تستطيع أن تجبره على تغيير وضعيته الدفاعية بمناولته قلماً أو كوب شاي أو قنبلة يدوية. المهم أن تضعضع قلعته الجسدية.
وإذا كانت ذراعاه مطويتان فوق صدره ويداه في وضعية "البوكس"، فهو في حالة عدوانية ودفاعية. ولا يختلف الوضع إذا كانت راحتا يديه تمسكان بذراعيه المطويتين على صدره، وكذلك إذا مسك ذراعه الأخرى. أما إذا طوى ذراعيه ورفع إبهاميه إلى أعلى فيعني أنه هادئ ومتحكم بأعصابه.
وقد يحاول "تحوير" هذه الحركة بالاختباء خلف أشياء أخرى موجودة فوق ذراعه أو قريبة منه، مثل ساعة يده، خصوصاً إذا كانت أصلية، أو كُمّ كندورته أو أزراره أو هاتفه أو حقيبتها النسائية لو كانت امرأة.
أما إذا وقف وتماسكت يداه، فيعني أنه يشعر بالحرج وبعدم الثقة بالنفس، وهي حركة تعيد له الأمن والهدوء كما كانت يدا أبيه المقبور تهدئ من مخاوفه أو قلقه حين كان صغيراً محاطاً بـ"البامبرز".
حركات اليد:
وجاء الدور على راحة اليد التي يمكن أن تعطي الانطباع بأنك صادق وأمين أو أنك متسلط وعدواني. راحتاك المفتوحتان إلى الأعلى مثل راحة الشحّاذ، تعطي الانطباع بأنك صادق وأمين ومطيع. أما إذا كانتا مفتوحتين إلى الأسفل، مثل راحة السيدة التي يتقدم أحدهم لتقبيل يدها وشفط ما عليها من جراثيم، فإنها تعني السُلطة وإعطاء الأوامر. وإذا كانت راحتك مغلقة وسبابتك تشير إلى شيء ما، فأنت عدواني.
وماذا عن المصافحة؟ إذا كانت راحة يدك موجهة إلى الأعلى وراحة يد الآخر موجهة إلى الأسفل، فإنها تعطي الإيحاء بأنك الأقوى والأعلى والمسيطر على الكون، والعكس صحيح. وحين تكون الراحتان عموديتين يكون الطرفان متساويين. وإذا أردت أن تكون حميمياً ومخلصاً، فعليك بالمصافحة المزدوجة اليدين، أما إذا أردت أن تكون عدائياً، فعليك أن تضغط راحة يد الآخر إلى الأسفل، أو تطحن راحته بيدك. لكن كن مستعداً للكمة التي ستحطم أنفك المرفوع عالياً.
إذا أردت أن تبقي مسافة بينك وبين المصافح، فعليك بتصليب ذراعك وعدم ثنيها؛ لأنه سيضطر إلى عدم الاقتراب عند ذاك. وإذا فعل أحدهم هذه الحركة معك، فتأكد أنه لا يثق بك أو لا يريد أن تقترب من مجاله الهوائي. والإمساك بالساعد أو الزند عند المصافحة يعطي انطباعاً عدائياً، بينما إمساك المرفق أو الكتف يعطي انطباعاً حميمياً.
البدء بالمصافحة من أكبر الأخطاء إذا كنت لا تدري إن كانت مصافحتك مُرحباً بها من عدمه، فقد تخسر زبونك إذا ابتدأت بالمصافحة، بينما من المتوقع أن تربح إن بدء هو بالمصافحة؛ لأنها تعني الترحيب. وخفض الجسد أثناء المصافحة أو اللقاء تعطي الانطباع بأنك تابع أو خاضع أو متملّق كبير ودجال أعور.
ومواصلة لحركات اليد، ففي فرك الراحتين إيحاء بربح قادم، لكن إذا فرك أحدهم راحتيه أثناء التواصل معك، فإذا كان الفرك سريعاً فهذا يعني أنه يعمل لمصلحتك، والعكس إذا كان ببطء. أما اليدان المتماسكتان فتشيران إلى موقف سلبي أو عدائي أو إحباط، فإذا كانت اليدان على طاولة ومتكئتان على المرفقين، فالموقف سلبي بصورة أكبر.
وتوصي لغة الجسد بحركة رفع اليدين على الطاولة وتشكيل برج أو مثلث بواسطة الأصابع؛ لأنها تعطي انطباعاً بالتفوق والثقة في النفس.. ألا ترى بعض المديرين يظهرون على أغلفة المجلات وهم بهذه الوضعية؟ لكن هذه الحركة إذا ما اقترنت بميل الرأس إلى الخلف، فإنها تعطي الانطباع بالغرور والعجرفة وفراغ الجمجمة من العقل.
أما حركة البرج نفسها لكن بالمقلوب، فإنها تعني أنك تصغي بشكل أكبر من التحدث. وتعتبر حركة البرج حركة استثنائية لا تخضع للقواعد العادية، فقد تكون إيجابية أو سلبية بحسب باقي الحركات.
وتعطي حركة المشي أو الوقوف مع تماسك الراحتين من الخلف، انطباعاً بالتفوق والثقة بالنفس؛ لأن المنطقة الأمامية تكون مكشوفة للآخرين، وبالتالي تدل على أنك شجاع لا تهاب جيوش الحلفاء. لذلك تستعمل الحركة من قبل رجال الشرطة ومديري المدارس وغيرهم.
لكن قبض اليد على الساعد في تلك الوضعية، أي من الخلف، تعني أنك تعاني من الإحباط وتحاول ضبط نفسك. وكلما كانت "المسكة" إلى أعلى، كان الموقف سلبياً أكثر، فمسك مرفق اليد باليد الأخرى من الخلف تعني أنك أكثر غضباً وتحاول صدّ اليد الممسوكة عن الضرب.
ويدل استخدام إصبع الإبهام في الحركات إلى أنك مسيطر ومتفوق وعدواني. وترتبط حركات الإبهام بالملابس الجديدة، فإذا ظهر الإبهام من الجيب الأمامي، فيعني أنك "شايف نفسك" وغير مخلص، أما بروز الإبهامان من الجيب الخلفي، فهذا يعني أنك تحاول إخفاء سيطرتك على الوضع. والإشارة بالإبهام إلى شخص آخر تعتبر علامة سخرية منه.
حركات الرجل:
إذا كانت اليدان تستعملان لحماية منطقة أعلى الجسد، فإن القدمان تستخدمان للذود عن حياض مدينة التناسل وضواحيها وتلالها القريبة. بالطبع إذا كنت من أصحاب الوزن الثقيل؛ فأنت لن تستطيع استخدام الكثير من حركات القدمين، بسبب الخوف من هرس جهازك التناسلي وانقطاع نسلك، وكذلك إذا كانت حركات القدمين تصاحبها الآلام، خصوصاً إذا كنت تعاني من آلام المفاصل أو كنت من الذين شاركوا في الحملات الصليبية وعاقبك القدر بتمزّق رباطك الصليبي.
تصالب الرجلين أو طويهما فوق بعض، يوحي بالعصبية أو التحفظ أو الاستياء أو الموقف الدفاعي. ويكون الموقف أشد إذا تصالبت الرجلان وأمسكت اليدان بأحد الرجلين أثناء الجلوس.
أما تصالب الرجلين وقوفاً، فيكون في حالة الوجود في وسط غريب ومع أشخاص لا تعرفهم جيداً. والحركة نفسها إذا أضفت إليها طوي الذراعين على الصدر، فتعني أنك غير مسترخٍ أو لا تثق بنفسك.
ويعتبر قفل الكاحلين أو تصالبهما موقفاً سلبياً أو دفاعياً، خصوصاً إذا اقترن بإمساك ذراعي المقعد بإحكام. وهناك حركة قفل الرجل بكاحل القدم الأخرى، وهي حركة نسائية تعطي الانطباع بالجبن أو الخجل. ومن أشهر الحركات الدفاعية الجلوس على الكرسي بالعكس، أي بإسناد البطن إلى مسند الكرسي وليس الظهر.
حركات الجذع:
اتجاه جذع الجسم أو القدمين يعطي إشارة إلى الاتجاه أو الطرف الذي يرغب الشخص في السير أو التودّد إليه، فمثلاً إذا كنت تعقد مباحثات على مستوى القمة مع صديق لك في ساحة "أبتاون مردف" بشأن الكوفي الشوب الذي ستجلسان فيه، فسيعلم خبراء لغة الجسد أنكما غير متفقين إذا كان جذع أحدكما أو قدمه باتجاه مقهى "كاريبو" الذي يقع على اليمين، بينما جذع أو قدم الآخر باتجاه مقهى "ستاربكس" الذي يقع على الشمال.
وإذا رأيت شخصين يتحدثان وجذعهما أو قدماهما متقابلان، وبقيا على الوضعية نفسها حتى بعد انضمامك إليهما، فاعلم أنك غير مرغوب بك حتى لو كان رأسهما يتجهان إليك بين الحين والآخر. وإذا كان هناك شخصان فقط جذعاهما أو قدماهما متجهان إلى نقطة ثالثة، فاعلم أنهما يرغبان في انضمام شخص ثالث إليهما، فتقدم إليهما وشاركهما الثرثرة.
حركات الوقوف:
ولإيصال انطباع بالموقف العدائي أو المسيطر، يمكن استخدام حركة الوقوف مع وضع اليدين على الخصر، وهي حركة مستوحاة من الطيور التي تنفش ريشها لتبدو أكبر أثناء التصارع على الأنثى أو التغزّل بها.
وتفسّر لغة الجسد سبب وقوف عارضة الأزياء وهي تضع يديها أو يداً واحدة على خصرها، وذلك لإبراز موقف المرأة الحديثة ذات النظرة المستقبلية و.. الفارغة.

حركات الرأس: وللرأس أثناء الاستماع حركاته، فالمرفوع يعني الحيادية، والمنخفض يعني السلبية، أما الرأس المائل جانباً، فيعني أن صاحبه بدأ يهتم. وللفائدة، فإن المرأة التي تميل برأسها يعني أنها تريد تسجيل انجذابها للرجل، وفي كل الأحوال، ميل الرأس يعطي الانطباع بأن السامع مرتاح ويشعر بالدفء تجاه المتكلم. ومن حركات الأشخاص الذين "يعرفون كل شيء"، وضع اليدين خلف الرأس، فهذه الحركة تعطي الانطباع بالثقة في النفس أو السيطرة أو التفوّق.
ومن الحركات "القرعة" التي تدل على أن صاحبك غير موافق لكنه مضطر إلى بلع لسانه وعدم الاعتراض علناً، هو التقاط "الأشياء" من الملابس أو الجسم، كالتقاط خيط وهمي أو المسح على طرف كندورته أو حتى استخراج القمل من غابة رأسه، المهم هو إظهار انشغاله بأشياء أهم منك ومن كلامك.
حركات العين:والآن إلى حركات أم الحركات، أي العيون التي تعتبر أدق وسيلة اتصال بشرية، ولذلك يحاول بعض الناس تضليل الآخرين بتغطية عيونهم بنظارات سوداء حتى لا يُعرف مزاجهم أو انطباعاتهم أو أفكارهم.
عند الإثارة يتضاعف حجم العين أربع مرات، والعكس عند الغضب أو الموقف السلبي، فالعين تتقلّص. وعندما تحب المرأة رجلاً ما، فإنها تمدد إنسان عينها أمامه، لذلك فإن اللقاءات العاطفية تكون أكثر شاعرية في الضوء الخافت، حيث تتمدد بؤبؤ العين. وعند الكذب أو كتم الحقائق، فإن عيني الشخص تلتقيان بعينيك أقل من ثلث الوقت. ولكن عندما تلتقي عيناه بعينيك أكثر من ثلث الوقت، فهذا يعني إما الانجذاب وإما التحدي.
وتقسم لغة الجسد النظرات إلى أربعة أقسام: الأولى، النظرة العملية وهي خاصة بجوّ العمل والمفاوضات التجارية أو أي موقف جدي، وتكون بتصوّر أن هناك مثلثاً على جبين الطرف الآخر، أي أن تظل تنظر إلى عينيه ومنتصف جبهته.
الثانية، النظرة الاجتماعية وهي بتصوّر المثلث نفسه لكن بالمقلوب، أي أن تنظر إلى عينيه وأنفه وفمه خصوصاً إذا كانت أسنانه صفراء تسرُّ الناظرين.
الثالثة، النظرة الحميمية وهي بتخيل مثلث زاويتاه العينين، وزاويته الثالثة تنزل إلى ما تحت الذقن. وكلما كانت العلاقة حميمية، كلما انخفضت الزاوية الثالثة لتصل إلى منطقة الصدر والبطن، بشرط ألا يكون ذو كرش كبير، فتتحول نظراتك الحميمية إلى نظرات حِممية جهنمية تشعل فؤاده غيظاً منك ومن قوامك الرشيق.
الرابعة، النظرة العجلى الجانبية وهي إما لإظهار الاهتمام أو المغازلة حين ترافقها ابتسامة أو رفع للحاجبين، وإما لإظهار العداء أو الانتقاد أو الارتياب حين ترافقها جبين متقطّب أو حاجبين متجهين إلى الأسفل أو زاويتي الفم المتجهتين إلى الأسفل.
أما حركة إغلاق العين فتعني الضجر أو عدم الاهتمام أو إظهار التفوّق. وليس أمامك في هذه اللحظة سوى أن تمسك ذقنه بيد وتلطمه باليد الأخرى على خده لينظر إليك مثل الرجال.