إذا كان قد قيل: ليس بالطعام وحده يحيى الانسان,
فان الاختراع رافق الانسان منذ وجوده في هذه الأرض.

فالطعام الذي هو عنصر مهم من عناصر الحياة, يتطلب
تحضيره او إعداده وسائل ما كانت لتوجد لولا العقل المفكر
والمبدع الذي وهبه الله للإنسان.
فالحاجة تدفع الانسان إلى إيجاد الوسائل او البدائل للأشياء
الموجودة (الأقل كفاءة) لتكون أكثر تطورا منها وأعلى كفاءة.
ومن ذلك تتبلور أهمية الأشياء المخترعة على حسب اعتماد
استخدامها ومردود عطائها من تسهيل للصعوبات
وإيجاد ما لم يكن يوجد قديما.



فالسكين الذي لا نستغني عنه قديما وحديثا يعتبر من أهم
الاختراعات التي شهدت بعض التطوير في مواد صناعته وميكنته.


ثم لننظر إلى ما حولنا من المنتجات لنعرف أهمية الاختراعات
في حياتنا وكيف أننا لا نستطيع الاستغناء عن بعضها؟


كما لا احد ينكر أن بعض الاختراعات التي أسيئ استخدامها
كان لها آثار تدميرية للإنسان وبيئته.


إن نهضة الغرب الصناعية اعتمدت أساسا على القفزات
المتتالية التي كانت الاختراعات تحقن بها مفاصلها.


وكلما تنوعت ثقافات العقول المبدعة التي تحتضنها دولة ما
كان الازدهار الصناعي والاقتصادي والنفوذ السياسي حليفها.


واقرب مثل لذلك أمريكا التي تميزت باحتضان العقول
النازفة من بلدانها الأصلية.


ولا يفوتنا أن نشيد بتجربة الدولة الصغيرة السويد
وسياستها تجاه البحث العلمي والاختراعات.
فقد قطف المجتمع السويدي ثمار رعايته للإبداع
خاصة في المجال العلمي حيث إن الميزانية التي
ترصدها الحكومة لذلك كبيرة جدا.
كما أن مرونة التعامل مع الأشياء بحرية وشجاعة
أكسبت صناعتها صلابة قل نظيرها.


إذ أن تلك الخصال مهمة عند التعامل مع نتاج
البحوث والاختراعات خاصة في وسط بحر من
الدول العملاقة التي ما فتئت تعلوا أمواجها المتنافسة.


كما أن كثير من الدول التي تنعم اليوم بالرخاء
الاقتصادي لا تملك الموارد الطبيعية لكنها تعتمد في
دخلها أساسا على ما تنتجه مصانعها في حين أن الدول
التي تجلب منها المواد الأولية (الخام) لكثير من الصناعات
تعيش شعوبها في تخلف وفقر مطقع!


فالكنز لا يحقق الرخاء ولا المنفعة إن ظل رابضا مخزونا
لا يستخدم بإتقان وكفاءة بل يصبح طامة وبلاءا عندما
يتقاتل عليه الطامعون كما يحدث اليوم مع الألماس
الذي ينتج جله في بعض الدول الإفريقية الأكثر فقرا.


والكنز يرتفع قيمته على حسب نسبة استعماله وتداوله
بكفاءة وكذلك أهمية المجال الذي يستخدم فيه وكل هذا
عن طريق الوسائل المخترعة.


فاليورانيوم الذي يعتبر أغلى من الذهب لم يكن له أهمية
قبل عدة عقود من الزمان, لكن إيجاد الوسائل التي يمكن
الاستفادة منه جعلته مهم جدا في عصرنا الذري.
اذا, بعض الوسائل المخترعة هي كنز في حد ذاتها.


لولا الاختراعات ما بلغ الانسان سطح
القمر ولا غاص في لج البحر.


والأمثلة كثيرة هي, وقد لا يسعها إلا خيال
المتخيل بل من يتمتع بسعة الخيال.

اهمية الاختراعات في حياتنا...
و كيف تكون مخترعا؟


الكتابة في هذا المجال ليس سهلا لانه محاط بهالة يبالغ في
تضخيمها وفي النظر اليه احيانا.

اذا كان قد قيل ان الحاجة ام الاختراع فإن البيئة المناسبة تعتبر
ايضا حضن للابداع المتولد بالتناسب الطردي.
فالاختراع او الابتكار او الاكتشاف قد يولد اختراعا او ابتكارا
اخر او... ولكون الاخترع هو فكرة تتطلب التطبيق في الواقع او
التقييد في سجل النظريات غير الفرضية فإنها كالفكرة التي قد تولد
فكرة او افكار اخرى.

والفكرة ولو كانت مهمة جدا تموت ان لم تجد من يتمكن من تطبقها
في ارض الواقع.

ليس من الصعب ان تكون مخترعا لكن....

وقد يحقق مخترع الصدفة ان جاز لنا تسميته بذلك, اشياء لم يحلم بها,
في حين ان المخترع المحترف قد لا يتمكن من تحقيق احلامه التي قد
يكون بذل من اجل تحقيقها كل ما يملك.

بعض الاخترعات مرتبطة بالازمان والبيئة ولا تتحقق الا في زمن معين
او بيئة معينة. فتطبيق ابتكار القاطرات الصاروخية مثلا يتطلب انتظار
فترة من الزمن حتي تتهيئ وتهيئ البيئة التكنولوجية لذلك.

وبعض المخترعين يعرفون هذه الحقيقة فيكتفون بتدوين افكارهم او رسمها
كما فعل الرسام دافينشي عندما رسم ما تخيله طائرة واجهزة اخرى تم
تطبيقها بعده بقرون.

والاختراعات قابلة للتكرار غير المتعمد عند اكثر من شخص في نفس
الزمن بغض النظرعن تقارب الاماكن التي تتولد فيها الفكرة او بعدها.


الجانب الاقتصادي للمنتج يلعب دورا كبيرا في نجاحه او عدم نجاحه.
فيقال انه اختراع لكنه غير مجدي اقتصاديا فيضطر المخترع الى اهماله
او تجميد تطبيقه الى حين ايجاد البيئة الانسب او ادخال التعديل والتحسين
المناسب للاختراع حتى يصلح ليكون منتجا.


الموضوع طويل ودهاليزه متشعبة والاختصار فيه يحتاج وقتا اكثر من الإسهاب فيه.

ووددت لو اتمكن من الولوج في كل تلك الدهاليز بقلمي المتواضع.