الكالكثير من الطلاب بنين وبنات قد يواجهون مشاكل سلوكية واعراض نفسية داخل المجتمع المدرسي، تختلف هذه المشاكل باختلاف اعمارهم وان كانت هذه المشاكل اكثر وضوحاً في المرحلتين المتوسطة والثانوية والتي قد تستمر الي الكبر. وتعتبر المشكلة الاكبر التي تواجه الطلاب والطالبات هي شعورهم "بالخجل" عند تعرضهم لأي موقف كان حيث يتجنبون المواجهة والمشاركة او الالقاء امام زملائهم الطلاب في نشاط ثقافي معين كالاذاعة المدرسية او الانشطة المسرحية او من خلال مناقشة بعض المواد والمشاركة مع المعلم. مما يؤدي الى تجنب بعض الطلاب لمثل هذه المشاركات والتي ينتج عنها ظهور بعض الاعراض السلوكية والنفسية على الطالب او الخجل الواضح الذي يمنع الطالب من المشاركة امام زملائه داخل الفصل خوفاً من الحرج امامهم والذي بلا شك يؤثِّر سلباً على شخصية الطالب في المستقبل وسلوكه الذي قد يؤثر ايضاً على ادائه الاجتماعي والوظيفي الى درجة تجنبه المشاركة في المناسبات الاجتماعية والعائلية او الاعتذار عن تولي مناصب قيادية في المجتمع خوفاً من هذه الحالة وعواقبها وبلا شك ان للاذاعة المدرسية دوراً كبيراً جداً في علاج هذه الظاهرة والتي تتمثل في ضرورة مشاركة جميع طلاب المدرسة في الاذاعة المدرسية او الانشطة الثقافية والمسرحية لكي يصبح المجتمع المدرسي من الطلاب قادرين على المثول امام زملائهم او الصمود لاي موقف يواجههم او يعرضهم للخجل.
ولمعرفة هذه الاسباب والمضاعفات والحلول والعلاج والدور البارز والمهم على الاذاعة المدرسية في علاج هذه الظاهرة اجرت "الرياض" هذا التحقيق.

السر مبكراً
في البداية التقينا ببعض الطلاب الذين يتجنبون المشاركة في الاذاعة المدرسية او الانشطة التي يتطلب من الطالب المثول امام زملائه فيقول الطالب "خالد" الذي يدرس بالمرحلة الثانوية انا لا اشارك في الاذاعة المدرسية والسبب في ذلك انني لم اتعود على الظهور امام الطلاب في المراحل السابقة من دراستي وبعد وصولي الى هذه المرحلة لم يكن لي الرغبة في المشاركة في اي نشاط داخل المدرسة لانني اشعر بالخجل امام زملائي واخشى ان اخطىء في الحديث ويسخر مني الطلاب. ويضيف خالد "في حديثه بقوله انه لم يدرب منذ الصغر في المراحلالدراسية الاولى مما جعلني اتخوف من المثول امام الطلاب في هذا العمر من دراستي.

التدريب على المواجهة...!
الطالب "عبدالله" في المرحلة الثانوية ايضاً تحدث ل "الرياض" عن هذا الموضوع ويقول: احاول التهرب من المشاركة في الاذاعة المدرسية لدرجة انني اعمد الى الغياب في ذلك اليوم الذي اكلف فيه بالمشاركة في الاذاعة المدرسية لانني لا اريد الخروج لعدم تعودي على ذلك.
"سلمان" طالب الصف الثالث متوسط يشعر هو الآخر بالخجل عند مواجهة اي موقف ويقول ان هناك اعراضاً تظهر لي مثل التلعثم في الكلام وجفاف الحلق والمغص الشديد في البطن واتمنى ان لا اشارك في اي نشاط سواء في المدرسة او حتى الانشطة الاجتماعية.

للمدرسة دور كبير في حل المشكلة
ولنتعرف اكثر على موضوع "الخجل الاجتماعي" والدور البارز والايجابي للاذاعة المدرسية تجاه هذا الموضوع التقت "الرياض" بوكيل مدرسة وائل بن حجر الابتدائية الاستاذ عبداللطيف بن علي العمار الذي اكد على ان للانشطة المدرسية بصفة عامة والاذاعة المدرسية بصفة خاصة دور فاعل في علاج هذه الظاهرة "الخجل الاجتماعي" حيث تعين وتساعد على تعويد الطالب على المواجهة وزرع الثقة بالنفس والتعود على آداب الحوار وتأصيل اللغة العربية والتحدث بها ما يجعله لا يهاب المثول امام الناس، ومخاطبتهم في امور تهمهم ومحاورتهم بعقل متفتح ومسلح بالعلم. واضاف العمار في حديثه انه ينبغي للمعلم اذا وجد ان الطالب يعاني من الخجل الشديد الذي يمنعه من الجرأة للتحدث امام زملائه عبر الاذاعة المدرسية، فعليه ان يبدأ بتدريبه على الحوار والالقاء مع مجموعة صغيرة من زملائه داخل الصف ثم امام مجموعة اخرى اكبر شيئاً فشيئاً حتي يصل به الى القدرة على المشاركة في الاذاعة المدرسية بكل جرأة وثقة بالنفس.

الإذاعة لجميع الطلبة
وبين العمار انه اذا اردنا للاذاعة المدرسية ان تؤدي دورها الايجابي في علاج هذه الظاهرة فلابد من وضع آلية محددة يتم من خلالها اشراك جميع طلاب الصف في الاذاعة المدرسية وان لا تقتصر على من لديهم الرغبة في المشاركة فقط علي النحو السائد في مدارسنا وعلى هذا يبقى الطالب الذي يعاني من ظاهرة (الخوف) من مواجهة الجمهور منطوياً في اخر الصف دون محاولة من المعلم المسئول اخراجه من خوفه ومعالجته بطريقة تربوية مناسبة او احالته للمرشد الطلابي الذي هو بدوره قد يعمل شيئاً.
وعن تأثير التربية على الاطفال باختلاف انواعها قال العمار: ان التربية التي تقوم على الحماية الزائدة والحرص علي الطفل او القسوة الزائدة والتعنيف المستمر والسخرية من الطفل امام اخوته وزملائه او سخرية اخوته من اسلوبه واسئلته او طريقته في الحديث مع اعراض والديه عن الاصغاء اليه حيث لا مكان للصغار في مجالس الكبار في مجتمعنا مع الاسف الشديد ولا مجال للاستماع الى اصواتهم او آرائهم او اسئلتهم القلقة والمؤجلة كل ذلك يجعل الطفل يشعر بالنقص وبالتالي تنعدم ثقته بنفسه وينطوي ويتجنب الناس وتظهر دلائل هذا المرض في الطفولة والمراهقة اما عن العلاج الناجح لهذه الظاهرة المرضية فيكون علي الاسرة كما يكون على المدرسة..
ويشير العمار الى انه كل ما كان تعاملالاسرة مع الطفل قائم على الاحترام والتقدير وعدم الغلظة والقسوة وترك المجال للطفل للتعبير عن ذاته وتشجيعه علي ذلك امامهما ثم امام الاخرين كما كان الطفل اقدر على تكوين علاقات حسنة مع الاخرين والاختلاط معهم بثقة بالنفس وقدرة على التعامل الايجابي مع كل ما يطرأ على تلك العلاقات منشد وجذب منه او منهم. اما اذا كانت التربية تكون على التدليل الزائد او القسوة او الغلظة وعدم اعطاء الطفل شيء من الحرية وتحمل المسئولية امام الوالدين ثم امام الاخرين فالنتيجة المتوقعة هي.. الخجل الاجتماعي.
اما عن رأي الطب النفسي في موضوع "الخجل الاجتماعي" فيقول استشاري الطب النفسي الدكتور فلاح بن محمد العتيبي أن الانتقاد المباشر للشخص في مرحلة الطفولة سواء في البيت او المدرسة او الاجتماعات العامة امام الاشخاص الاخرين وتوجيه كلمات الانتقاد اللاذع له مثل انت "غبي" او "ما تفهم" او غير ذلك من تهويل وتعظيم الاجتماعات او الخوف من التحدث في وسط مجموعة او الادلاء برأيه ينعكس ذلك سلباً على الشخص ويؤثر في نفسه ويزرع حالة من الخوف والاضطراب وتجنب مثل هذه المواقف والاثار المؤلمة التي زُرعت في الشخص نتيجة للاساليب الخاطئة في الانتقاد وعادة يعتقد هذا الشخص انه تحت تركيز وتفحص انظار الآخرين نتيجة خطأ في تصرفه او كلامه مما يؤدي الي خوف قد يصل الى درجة العجز عن القيام بهذه الاعمال واجتنابها مستقبلاً وقد يؤدي الى اضطرابات نفسية منها القلق والاكتئاب واضطرابات الشخصية التجنبية والرهاب او الخوف الاجتماعي. ويضيف الدكتور العتيبي ان لهذا الاضطراب اعراضاً منها احمرار الوجه والخوف والخفقان وجفاف الحلق والتلعثم في الكلام وتجنب المواجهة ورجفة اليدين فالشخص الذي يشعر بهذا الاضطراب ويحمر وجهه امام الناس فيلاحظون ذلك فيصبح محط ازدرائهم وقد يكون الاحمرار غير ملاحظ من قبل الآخرين إلا ان الشخص يصر عادة على انه يشعر به ويلاحظ عليه الآخرون في اغلب الاحيان وقد يؤدي هذا الخوف الى ابتعاد الشخص عن الناس مما يؤدي الى اختلال في علاقاته الاجتماعية.
ويؤكد الدكتور العتيبي على اختلاف شدة الحالة من شخص الى آخر حيث تكون حالة الخوف خفيفة ومقتصرة علي الخوف من موقف معين او قد تكون شديدة جداً وتحصل في مواقف كثيرة جدا مما يؤدي الى انعزال الشخص انعزالاً كليا او شبه كلي عن المجتمع بالرغم من رغبته القوية في ان يكون له اصدقاء وان يكون اجتماعياً ومشاركاً في كافة نشاطات المجتمع اما اذا كانت الحالة شديدة فانها تربك الشخص ويصبح التخلص منها مركز اهتمامه فيظل يفكر فيها وقد يمضي سنوات قبل أن يتجرأ ويسأل طبيباً بشأنها. ويذكر الدكتور العتيبي ان هناك مضاعفات قد تكون حالات مزمنة اذا لم تعالج بنجاح وتسبب الكثير من الاحباطات للشخص وتحرمه الكثير من متع الحياة ومباهجها مثل النشاطات الاجتماعية وتجنب المراكز القيادية والاعتذار عنها وعدم مواصلة دراسته وقد تسبب هذه المضاعفات اضطرابات نفسية اخرى مثل الاكتئاب والقلق او اللجوء الى الكحوليات والأدوية المهدئة للتغلب على هذه الحالة فيعرض نفسه للادمان.
ولهذه الحالات علاج منها العلاج الدوائي مثل مضادات القلق والاكتئاب حسب وضع كل حالة وشدتها والعلاج النفسي حيث يشعر الاشخاص بزوال كثير من القلق اذا تحدث الى طبيب يهتم به ويستمع الى مشاكله ويلاحظ انه بعد عدد قليل من الجلسات تتضح اسباب القلق وعندها تجد الطريقة المثلى لمواجهتها مثل التطمين في مواجهة المخاوف غير المعقولة والتشجيع لمواجهة المواقف المثيرة للقلق واعطاء المريض فرص لمناقشة مشاكله مع الطبيب بصورة منتظمة وذلك مفيد جدا للمريض ان لم يكن شافياً ومن انواع العلاج ايضا "العلاج السلوكي" مثل الاسترخاء والتعرض الواقعي لتلك المواقف والتعود عليه أو التعرض التدريجي لهذه المواقف.
و"العلاج المعرفي" مثلاعادة البناء المعرفي للشخص وتصحيح الافكار الخاطئة تجاه المخاوف.
وبين الدكتور العتيبي ان للاسرة دوراً في اكتشاف ومعرفة هذه الحالات المساهمة في علاجها وفي ختام حديث الدكتور العتيبي اوصى المسئولين بوزارة المعارف بالاهتمام بالارشاد النفسي وتفعيله على مستوى المدرسة من طلاب ومعلمين والاهتمام بالأمور النفسية وآثارها وكيفية علاجها والتكيف معها.
كما كان لعلم النفس رأي في موضوع "الخجل الاجتماعي" "الرياض" التقت الدكتور فهد بن عبدالله الربيعة استاذ علم النفس المشارك بجامعة الملك سعود الذي قال إن الخجل من العوامل النفسية التي تؤثر على قدرة الفرد سلبيا على التكيف مع الآخرين المحيطين به والفرد الخجول يعاني من صعوبة الاختلاط بالاخرين فهو لا يتعلم من تجاربهم ولذلك يكون محدود الخبرات لانه يلتزم الصمت في كثير من المواقف الاجتماعية. ويمكن تعريف الخجل على انه "ميل الفرد لتجنب التفاعل الاجتماعي مع المشاركة في المواقف الاجتماعية بصورة غير تكيفية" لذلك فالخجل يظهر في شكل خوف او رعب او صمت عن الحديث امام الآخرين وهو من الظواهر السلوكية ومن السمات الشخصية الواسعة الانتشار والتي قد تعوق صاحبها من تحقيق ما ينشده من اهداف وتفاعل اجتماعي ناجح سواء كان هذا التفاعل لفظيا او غير لفظي وبين الدكتور الربيعة انه يمكن تصنيف الخجل الى نوعين رئيسيين وهما الخجل الاجتماعي الانطوائي والذي يتميز صاحبه بالعزلة والانحساب الاجتماعي ولكن لديه القدرة على التعامل مع الاخرين بشكل ايجابي. اما النوع الثاني من الخجل فهو الخجل الاجتماعي العصابي ويتميز صاحبه بالقلق الناتج عن الشعور بالحساسية المفرطة نحو الذات واحساس بالوحدة النفسية. وهذا النوع من الخجل هو الذي يدفع صاحبه الى الوقوع في الكثير من الصراعات النفسية والتي تتمثل في رغبته في تكوين علاقات اجتماعية مع الآخرين وخوفه من نتائج هذه العلاقات.
وللخجل مظاهر واعراض متعددة منها المظاهر الفسيولوجية تتمثل في زيادة النشاط الاستشاري للجهاز العصبي المستقل كالعرق وزيادة ضربات القلب وجفاف الحلق واضطرابات المعدة وهناك ايضاً المظاهر المعرقية مثل انشغال الفرد بالافكار التوعية التي تكون بؤرة تركيزها على الموقف غير السار وانشغاله بتقييم الآخرين له هو هناك المظاهر الوجدانية والانفعالية مثل عدم الشعور بالراحة والقلق وارتفاع معدلات الضيق والعجز عن الاسترقاء. وهناك ايضاً المظاهر السلوكية مثل الصمت اثناء صحبة الآخرين وتجنب النظر الى الاخرين والتلعثم اثناء الحديث والبطء اثناء المناقشة الجماعية..
ويشير الدكتور الربيعة الى ان من اسباب ظهور الاعراض في الخجل هي فقدان الثقة في النفس والآخرين ونقص المهارات الاجتماعية والاعاقات البدنية.
والشعور بعدم الارتياح اثناء التواجد في الموقف الاجتماعي والخوف من التقييم السلبي وفشل الفرد في الاستجابة بشكل مناسب في المواقف الاجتماعية والشعور بالنقص.

لقطات من التحقيق:
@ التأكيد على دور الاذاعة المدرسية في علاج هذه الظاهرة والتخلص منها لظهور جيل يستطيع مواجهة الجمهور.
@ عدم مشاركة الطالب في الاذاعة المدرسية يضخم من شعوره بالخجل والذي قد يستمر معه الى الكبر.
@ لوحظ ان هناك اناساً تخلوا عن مناصب قيادية خشية من مواجهة الجمهور لتأصل ونمو الخجل معهم منذ الصغر.
@ ضرورة تدخل وزارة التربية في هذا الموضوع وايجاد حل عاجل لعلاج هذه الظاهرة الخطرة على المجتمع السعودي